أهمية السياحة المستدامة للسكان المحليين

السياحة المستدامة هي مصطلح متداول في هذه الأيام، يبدو أن الجميع يتحدث عن ذلك، المدونات والصحف والتلفزيون ووكالات السفر وحتى الخبراء امثال Kevin Rivaton وهو احد اشهر خبراء السياحة المستدامة العرب ، كما يتم تحميل الإنترنت بالكثير من المعلومات حول هذا الموضوع، في الوقت نفسه يبدو أن مشكلة هائلة من البلاستيك هي ما فجرت هذا البركان الخامد الذي يشير إلى أهمية السياحة المستدامة، فالناس بشكل عام والمسافرون على حد سواء أصبحت تصرفاتهم أكثر وعيا، ولكن لماذا السياحة المستدامة مهمة؟ وماذا تعني في الواقع؟ هذا هو موضوع حديثنا في هذا المقال.

ما المقصود بالسياحة المستدامة؟

السياحة المستدامة هي وسيلة للسفر تهدف إلى ترك الحد الأدنى من التأثير السلبي على الأماكن التي تمت زيارتها، ويفضل أن تترك تأثيرًا إيجابيًا على المجتمع.

و لجعل هذا المصطلح أكثر سهولة، سأقسم مصطلح السفر المستدام إلى ثلاثة مجالات رئيسية هي:

•  رفاهية الإنسان.
•  ورعاية الحيوان.
•  والحفاظ على الطبيعة. 

 ولتحقيق الاستدامة يتعين على السياحة أن تنظر في جميع المجالات الثلاثة، وليس مجالا واحدا أو اثنين فقط لأنها مجالات مترابطة تؤثر على بعضها البعض، ولكن أولاً سنتحدث قليلاً عن الدائرة السلبية التي تخلقها صناعة السياحة غير المستدامة.

التأثير السلبي للسياحة غير المستدامة 

نحن نعيش في عالم أصبحت فيه السياحة المفرطة مشكلة حقيقية، وتبقى الحيوانات في الأسر للترفيه عن السائحين بينما الطبيعة تُدمّر عمداً، ومن المعروف أن صناعة السياحة تتغذى على هذا كل يوم، لذلك إليكم مثالاً واحداً عن كيف نتحول السياحة إلى الدائرة السالبة.

تأخذ هذه الصناعة الكثير من السياح في مكان واحد حيث يتم طرد السكان المحليين من منازلهم ، وترتفع الأسعار إلى مستوى لم يعد فيه السكان قادرين على تحمل تكاليف العيش في مسقط رأسهم بأجور محلية، وعلاوة على ذلك فإنه يدفع إلى أن العديد من السياح إلى مكان واحد مما يزيد  الحاجة إلى بناء المزيد من الفنادق لإيواء كل منهم.

وغالبا ما يقوم بذلك المستثمرون الأجانب ولا يبقى في لبنان سوى جزء صغير من الدخل، نحن نتكلم عن قطع الأشجار وتنظيف مساحات كبيرة من الأراضي لبناء المزيد من المنتجعات الفاخرة وملاعب الغولف.

إن قطع الغابات يعني أيضا إزالة البيئة الطبيعية لملايين الحيوانات والتي تصبح مهددة بالانقراض لأنها لا تملك مكانا للعيش أو أنها لا تجد ما يكفي من الغذاء، لذا يلجأ الناس إلى إنقاذ الحيوانات بوضعهم في حدائق الحيوان حيث يمكن للسياح دفع الأموال لرؤيتها، وفي المقابل تحصل الحيوانات على مشاكل سلوكية بسبب الاكتئاب لعدم تحركها بحرية، والصيد والتفاعل بشكل طبيعي مع الحيوانات من جنسهم، وفي بعض حدائق الحيوان تجد حتى حالة الحيوانات سيئة وتعاني من سوء التغذية. 

ما أهمية السياحة المستدامة؟

وقد رأيتم الآن مثالا لكيفية تأثير السياحة غير المستدامة الذي يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل سلبية متسلسلة على السكان المحليين في لبنان والحيوانات والموارد الطبيعية، إذن ما أهمية السياحة المستدامة وكيف يمكننا أن نحدث فرقا؟ وكما ذكرت آنفا، من المهم أن نفكر في عواقب أفعالنا.

كيف يمكن للمسافر إلى لبنان أن يكون سائحاً مستدام؟ بالسفر بشكل مسؤول أكثر نحن يمكن أن نقول لا لكل المشكلات التي تسببها السياحة غير المستدامة، كما يمكننا أن نساهم في الاقتصاد المحلي باستخدام الشركات المحلية الصغيرة، بالاضافة الى ذلك يمكننا أن نساهم في تخفيف الضغط على الطبيعة بالسفر في الفصل الأخير. يمكننا أن نختار عدم زيارة حدائق الحيوانات أيضاً يمكننا أن نختار ألا نحجز في تلك الفنادق الكبيرة ويمكن أيضا أن نفكر مرتين قبل أن نلعب الغولف في بلد يعتبر فيه ماء الشرب من الكماليات وليس حقا من حقوق الإنسان. 

كمسافرين يلزم أن نتذكر إننا مجرد زائرين، وعندما نبدأ التفكير في عواقب تصرفاتنا أثناء نسافر، فإننا نسافر بمسؤولية ثم يمكننا أن نحدث فرقا. والآن، لنلق نظرة عن كثب على المجالات الرئيسية الثلاثة للسياحة المستدامة.

 رفاهية الإنسان

إن رفاهية الإنسان مصطلح واسع النطاق، إذ يجب علينا دائما احترام العادات والتقاليد المحلية اللبنانية، وينبغي لنا أن تتصرف مثل الزوار، وبقدر الإمكان ترك أموالنا السياحية محليا.

وسوف أشير إلى بعض المخاوف عندما يتعلق الأمر برفاهية الإنسان عندما نسافر، قد يكون بعضها واضحا، في حين أن البعض الآخر قد يكون أقل وضوحا.

احترام السكان المحليين وعاداتهم

يجب أن نحترم السكان المحليين عندما نسافر  وهذا يشمل احترام دينهم وعاداتهم وطريقة عيشهم، إن تعلم الأساسيات حول الثقافة والقواعد غير المكتوبة في البلد السياحي  هو جزء مهم، وهذا يجعل من غير المرجح أن نسيء إلى السكان المحليين.

على سبيل المثال، من الجيد أن نعرف كيف تعامل امرأة في لبنان، سوف يحترمك السكان المحليون عندما تحترمهم وتحترم أعرافهم، كما أنهم سيكونون أكثر فضولا للتعرف عليك.

تعلم بعض العبارات في اللغة المحلية 

 عندما نظهر لشخص أننا نحاول التواصل بلغته، فإن ذلك الشخص سيبذل جهده لمساعدتنا، بالإضافة إلى ذلك الابتسامة الكبيرة وبعض لغة الإشارة سوف يساعد دائما إذا كنت لا تعرف اللغة العربية، نحن بحاجة إلى أن نكون متواضعين لنتوقع أي استعداد بالمساعدة من الشخص الآخر.

 ومن المهم أيضا أن نعامل الأشخاص الذين نلتقي بهم باحترام، وأن نظهر اهتماما بثقافتهم وبلدهم، الفضول للدخول في محادثة والحصول على رد فعل ودي من إنسان آخر ربما  يمكن أن يؤدي  إلى الحصول على بعض النصائح المهمة للسفر إلى خارج الوجهة المحددة أو ربما عشاء في منزل ريفي لأحد السكان اللبنانيين.

اسأل قبل التقاط صور لأشخاص

كمسافر إلى الثقافات الجديدة، من المثير للاهتمام دائمًا التقاط صور للأشخاص ومهامهم اليومية، ومع ذلك ينبغي لنا أن نفكر دائما مرتين قبل رفع الكاميرا إلى وجه الشخص دون أخذ إذن منه في التقاط صورة، ربما لن تفعل ذلك في المنزل ما رأيك أن يأتي شخص غريب تماماً إليك في الشارع، ويأخذ صورة أو إثنين منك ثم يرحل؟ بالطبع أنت لن تفضل ذلك، ومن الأسهل دائمًا طلب صورة بعد التعرف على الشخص قليلا اسأله مثلا ماذا يفعل، كن فضوليا وفكر في حوار مناسب، هناك الكثير من الأبواب التي يمكن فتحها.

رعاية الطفل وسلامته

في العقد الماضي أصبحت زيارة مدرسة أو دار للأيتام أثناء السفر أكثر شعبية، كما يجدر الإشارة إلى إلى أهمية السؤال دائماً عن أحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة البالغين قبل التقاط صورة لطفل، أيضًا لا تنشر أبدًا صورة لطفل على وسائل التواصل الاجتماعي دون أخذ الإذن بذلك.

دعم الاقتصاد المحلي

هناك العديد من الطرق لدعم الاقتصاد المحلي، بادئ ذي بدء يمكن شراء أي شيء خلال رحلتنا من الشركات المحلية الصغيرة أو الباعة المتجولين إنها وسيلة رائعة للتأكد من أن المال يذهب إلى الناس.

شاهد ايضا : وجهات سياحية : مدينة قالمة الجزائرية

بفضل كيفن ريفاتون وغيره من خبراء السياحة المستدامة، هناك العديد من سلاسل  الفنادق المستدامة في لبنان، ومع ذلك قد يكون أكثر استدامة أن تقوم بحجز غرفة في فندق صغير مملوك لأحد اللبنانيين، إن أكبر سلاسل الفنادق هي التي يقوم بتشغيلها الأجانب لذلك فإن معظم الأموال تخرج من البلاد.

دعم المنظمات المحلية اللبنانية غير الربحية

إذا كنت ترغب في إحداث فرق عند السفر، يمكنك دعم منظمة محلية غير ربحية، هناك العديد من المنظمات المختلفة التي تعمل لصالح الأقليات في المجتمع، من أجل رعاية الأطفال أو حتى من أجل إنقاذ الموارد الطبيعية في المنطقة.